الأربعاء، 10 يونيو 2009

عندما بكت

By-Stefan Beutler


أسير يومياً أثناء عودتي من العمل من ناصية الشارع وحتي المنزل - بالرغم من انني أستطيع أن أنزل من العربة أمام البيت - ودائماً ما يلفت نظري تصرفات الأشخاص المكلفين بحراسة المنازل لأنهم غالباً ما يكونوا عائلات كاملة ، وكثيراً ما يتفرق أعضاء العائلة الواحدة إلي بعض الأعمال المختلفة فيعمل الرجل في حراسة المنزل ويساعده الصبي الصغير بينما تقوم الأم وبناتها بالعمل في بعض المنازل بشكل منتظم .

وفي أحد الأيام رأيتهم بجواري .. عائلة مكونة من الأم وثلاثة أطفال ، ولدين وبنت ، تحمل الأم الولد الأصغر علي كتفها ويسير بجوارها الأخر الذي يقوم بدحرجة إطار خارجي لعجلة سيارة ، وبالرغم من محاولاته العديدة للحفاظ علي توازنه إلا أنه يتراقص يميناً ويساراً ، وتتقدمهم بقليل البنت التي تحمل في حنيه بالغة شبه أو بقايا عروسة صغيرة ، وكأنه مشهد ثابت لا يتبدل قد تجلس البنت علي أقرب رصيف تداعب عروستها قليلاً ، أو يقف الولد في وسط الطريق ليحاول إصلاح شيء ما في إطاره ولكن سرعان ما تعود القافلة تسير كما كانت .

ولكن فجأة وبدون أي مقدمات إنحرف الولد بشكل غير متعمد وعندما حاول الإعتدال فقد السيطرة علي الإطارمما أدي إلي إصطدامه بالبنت فوقعت وإنفلتت منها العروسة وإستقرت في منتصف الشارع بعيده عن يدها فانتفضت مسرعة لكي تأتي بها قبل أن تدهسها إحدي السيارات وعندما عادت إلي المسيرة قابلها أخيها - ولا أعلم لماذا - بالقفز في الهواء والنزول علي أصابع قدميها العارية ، إستقبلت الفتاة الضربة في ذهول وإنكتمت دموعها لفترة وجيزة قبل أن تتحول ملامح وجهها الطفولية إلي الإنكماش الشديد وتذبل عيناها وتنطلق في في بكاء بصوت مسموع مما جعل الأم تنتبه لما يحدث فما كان منها إلا أن ذهبت إلي البنت ونظرت إليها بإستنكار شديد وصفعتها بظهر يدها علي فمها فوقعت مرة إخري أرضاً وزادت حدة البكاء ولكن هذه المرة مع بعض الكلمات والحركات الغير مفهومة فدفعتها الأم بقدمها بقوة لتحثها علي النهوض سريعاً وسحبتها من يدها والبنت مصرة علي الجلوس أرضاً وتمسك بعروستها وكأنها تستنجد بها .

كل هذا والولد يلعب بالإطار غير عابيء بما يحدث مع حرصه علي الالتفات برأسه إلي الوراء لثانية واحدة بين الحين والأخر ليتابع ما يجري ثم ينطلق بعدها وهو يدفعه أمامه مقلداً أصوات السيارات ومتخيلاً عوائق ومطبات يحاول أن يتلاشي الوقوع بها حتي فاجأه مطب حقيقي مرتفع عن الأرض فلم يتمكن من السيطرة علي الإطار وإندفع قاطعاً الطريق وحاول الولد أن يوقفه فلم يتمكن من ذلك وإندفع خلفه مسرعاً ولم ينتبه إلي تلك السيارة القادمة والتي لم يستطيع سائقها أن يوقفها في تلك المسافة الصغيرة لسرعتها الكبيرة فإنحرف بها يميناً في محاولة منه لإنقاذ الولد الذي وقف في مكانه وكأنه ثبت في الأرض فمرت السيارة بجواره دون أن تصيبه بسوء ولكنه سقط علي الأرض من وقع المفاجأة وما إن رأت البنت ما حدث حتي نظرت إلي أمها الملهوفة ورمت عروستها بعيداً وإنطلقت تجري نحوه وإنحنت بجواره تتفقده وهي تبكي مرة أخري .

هناك 23 تعليقًا:

!!! عارفة ... مش عارف ليه يقول...

ايه الجمال ده

بسم الله ماشاء الله

روعة يا شادي

اه والله تفاصيل غاية في الانسيابية الصورة تنطق وتصرخ وتبكي

حقيقي برافو
والله برافو


وليد

إيناس حليم يقول...

جميلة اوي القصة دي
حدث بسيط ممكن نشوفه في حياتنا اليومية بس ميخطرش في بالنا اننا نكتبو بالسلاسة دي ولا نبصله بالزوايا اللي انت شفتها منها وركزت عليها

مش جديد سلاسة وروعة اسلوبك

تحياتي

Omnia يقول...

:)
وكأني شيفاهم....
هي دي حنية البنات المعهودة :)

بجد ماشاء الله عليك وبجد بنستنى كل كتاباتك ..

Unknown يقول...

ياااااااااااااااه

قرون من القهر جوة الكام سطر دول

الله ينور عليك

r يقول...

قانون الشارع تحكمه كل الاشياء
الحب والكراهيه
العنف والحنان
احيان كتيره بقول انه مش الفقر بس
اد ما هو نقص تعليم وتكبير عقل
الصوره اللى قلتها هنا
زعلتنى الصراحه لانها فيها حتى العنصريه
من الام للولد لانها اكيد شيفاه سند وولد
واهانه للبنت وان كانت زى ما وضحت
وزى ما شفتها مكسوره مش الجناح بس
لا الحقوق كمان

دمت بخير

الست فرويد يقول...

جميلة

احلى ما فيها حنية البنت رغم ظلم اخوها لها

دائما البنات كده :)

السلاسة والعفوية علامات بارزة فى سطورك كالعادة

ارق تحياتى لك

ســـــــهــــــــــر يقول...

( هو ) يقسو بلا مبرر واضح و يلقى باللوم من حظه العسر على اقرب ( هى ) تصادفه

هى تتلقى الضربه ببكاء و انكماش دون التفكير فى رد الضربه او التشفى على الاقل

لن اندهش اذا قام من كبوته ملقيا بها على الارض مره ثانيه

اليس هو مشهد متكرر باختلاف الشخوص و الاحداث و ترميز الضربات

رائع يا شادى

Ola يقول...

معنديش تعليق اكتر من اللى قالوه اللى سبقونى و علقوا على البوست

كالعادة شايفة الناس دى من لحم و دم و انا بقرا .. و كالعادى هى العلاقة بين اى (هو) و (هى) بدون ادنى اختلاف


جميل يا شادى دايما :)

soha zaky يقول...

تجسيد مكثف لمعاناة كبيرى تستحق رواية روعة القص والتشويق عندك دائما تسحرنى

Alaa Abd El Hamid يقول...

يا شادى يا جامد :)
واحشنى :)

شادى زلط يقول...

ممكن تسلفنى الكاميرا عشان بتاعتى باظت ؟

شادي أصلان يقول...

وليد

ازيك يا معلم

ربنا يخليك بجد مش عارف ارد واقولك ايه

تسلم ياصديقي

شادي أصلان يقول...

إيناس حليم

مبسوط قوي ان كلامي عجبك
وميرسي لذوقك :)))))

شادي أصلان يقول...

omnia

وهما كمان بيسلموا عليكي
:)))

شادي أصلان يقول...

enjy

وينور عليكي انتي كمان يا استاذة
:)

شادي أصلان يقول...

بسنت
زعلتك من ردود الافعال ولا مني انا ؟
:)))

ثقي تاما انى في الجانب المتعاطف بشدة
تحياتي
:))

شادي أصلان يقول...

الست فرويد

وارق تحياتي انا كمان

مش بقولك حاسس اننا نعرف بعض
:)))))))))))

شادي أصلان يقول...

سهر

مجرد رؤية اسمك هنا يعطيني شعور جيد جدا

دائما ما يكون تعليقك ايضاح وتكملة

شكرا علي الزيارة

شادي أصلان يقول...

ola

وانتي كمان جميلة ياعلا

هو صراع ابدي وسيظل الي ان يختفي احدهم من علي وجه البسيطة

بس بيني وبينك انا بتمني انهم يختفوا سوا
:))

شادي أصلان يقول...

سهي زيك

انتي الي زيارتك بتسحرني وتبسطني

نورتي الدنيا ومبسوط ان كلامي يلفت نظرك

شادي أصلان يقول...

علاء عبد الحميد
وانت كمان واحشني ياعلاء ياجامد

تسلم يامعلم
:))

شادي أصلان يقول...

شادي زلط

اخويا ورفيق الدرب

الكاميرا بتاعتي تحت امرك طبعا بس الكاميرا بتاعتك ماركة محترمة

هتشتغل تاني ده لو كانت فعلا باظت

انا بصراحة شايفها شغالة جدا جدا ... جدا

كراكيب يقول...

اووووووووف
ايه ده
يا ابن الإيه ضحكتني في البوست الاخير ولا تتخيل مدى التأثر اللي انا فيه بعد ما قريت البوست ده
انت وصفك مالوش حل
لالالا تعالى هنا
ايه البنت الرهيبة دي
معرفش انا ليه حاسة اني لو كنت مكانك وشوفت المشهد ده من اوله لآخره كنت عملت اي حاجة للبنت دي
ايه بقى؟؟ معرفش
ان شا الله اديها مصاصة من اللي انا اكيد شايلاها علطول في الشنطة

ايييه داااااااه
ايه البنت الرهيبة دي
:S