الثلاثاء، 30 ديسمبر 2008

من أجلنا وليس من أجل غزة




هناك من يحاول أن يضع الطرفين في تساوي وهذا وضع مهين .




هناك من يحاول أن يستخدم مبدأ وعلي نفسها جنت وهذا أكثر إهانة ..




هناك من يحاول أن يبرر ما يحدث وهذا شيء عجيب ...




وهناك وهناك




وهناك




ولكن الأكيد هو أنني قررت أن أقدم العزاء في أعز ما كنا نملك .... الإنسانية




الإنسانية التي ماتت تحت أقدامنا جميعاً .




لكم أقول البقاء لله ... ولا عزاء لأطفالنا .


الاثنين، 22 ديسمبر 2008

أن تكون مريضاً



بين الحين والأخر يسيطر علينا شعور غريب وغالباً ما يكون غامض وتصنيفه ليس سهل ، فقد يطلق عليه البعض غربة أو أسماء أخري مشابهه ، ولكنه في الحقيقة يكون شيء مبهم ، إحساس بعدم التأقلم مع عالمنا وأن وجودنا في هذا العالم غير طبيعي وغير منطقي وأن الوضع الصحيح هو وجودنا في دنيا أخري بها بشر مختلفين كل الأختلاف عن سكان هذا العالم الغريب .
ويظل هذا الشعور يتصاعد إلي أن يصل إلي مرحلة يكون فيها الواحد منا كالمصاب بإنفصام الشخصية فيكون له وجهان مختلفان أحدهما يتعامل به مع العالم الذي يعيش فيه ويراه مختلف عنه تماماً والأخر لنفسه ولذاته الحقيقية .. ذلك الذي يرتديه عندما ينفرد بأفكاره في صومعته الخاصة التي ستكون في تلك الحالة ملاذه الأخير .
ستجد أن هناك عوامل كثيرة تساعد علي زيادة هذا الشعور ، فالعالم الذي نعيش فيه مليء بالتناقضات والوجوه المزيفة التي يحملها أصحابها في حقائبهم ويبدلوها بإحترافية ودهاء حسب ترتيب المواقف ، وتلك قدرة لا يستهان بها ، فأحياناً تتمني لو أنك لم تتعلم أن الوجه الطبيعي للأنسان يصلح - دائما ً - للعب جميع المراحل في فيلم حياته بدون الحاجة لأي عمليات تجميل .
وهنا تظهر صعوبة المشكلة وتعقيدها فتصرفات الأشخاص المتناقضة بشدة تجعلنا نرفضهم ونرفض أفكارهم والغريب أن هؤلاء الأشخاص ينظرون إلينا بنفس النظرة ويحاولون السيطرة علي باقي المساحات المضيئة في عالم أصبح الزيف والنفاق هو السمة السائدة فيه ، وبما أننا نعيش وسط كل هذا تجد الحفاظ علي الوجه الحقيقي الخاص بك شيء في منتهي الصعوبة فتكون النتيجة هي محاولة صنع وجه أخر لكي يقوم بدور الدوبلير لكي تستطيع التعامل مع مفردات العالم المحيط .ولكنك ستتعلم مع الوقت أن أصحاب الوجوه الحقيقية موجودين قد يكونوا قليلين ولكنك لا تستطيع أن تنفي وجودهم ، وقد تصادف بعضهم هنا أو هناك في رحلة الحياة وسوف تشعر بوجودهم حتي وإن كانوا مصابين بنفس مرضك ويرتدون وجههم الصناعي لمواجهة العالم وأمام أحدهم سوف تكون في غاية الراحة وأنت تخلع عن نفسك القناع البديل وتتخلص منه وستجده هو الأخر يخلع قناعه فينظر كل منكم للأخر وترتسم علي وجوهكم إبتسامة هادئة وواثقة وتتشابك أيديكم .. وتبدأون السير في درب الحياة ، وبعد إنجاز مسافة من الطريق توقف وأنظر إلي عالمك مرة أخري وأعلم أن من تجدهم بجوارك وكل منهم يمسك بيديه قناعه البديل هم كل ما تبقي من أهل العالم السابق وأنهم يبحثون عنك مثلما تبحث عنهم .. وعندها فقط سوف تدرك أنك خلقت العالم الذي تريده وتستحقه .



ضربة شمس ( جريدة الدستور 3/12/2008 )

الأربعاء، 3 ديسمبر 2008

مبقاش في نفسي حاجات كتير


مبقاش في نفسي حاجات كتير .. معتدش بطير .. زي وأنا صغير .. تلك الكلمات التي لحنها وغناها - المتألق دائماً - وجيه عزيز عندما سمعتها لأول مرة وجدتني أنفصل بشكل تلقائي عن العالم محاولاً التأكد من مدي صحتها فقد عرفت مباشرة أنها مطابقة فعلاً لحالي وحال معظم جيلي ، فكلنا زمان كان في نفسنا حاجات كتير أوي بغض النظر عن إمكانية تحقيقها .
رجعت إلي سنوات عمري الماضية ورأيت أقاربي ومعارفي يلقون علي السؤال التقليدي المزعج نفسك تطلع إيه لما تكبر ؟ من منا لم يقع في ذلك الفخ ! كنت دائماً أرتجل في الكلام مع الكثير من التفكير والنظر في الأرض وأجاوب بأول مهنة تخطر علي ذهني والغريب إنها دائماً كانت مختلفة فمرة ضابط ومرة صحفي ومرة عالم فضاء وكان رد فعل " الكبار " علي تلك الإجابات هو الإبتسامة الخالية من أي تعبير لا تعلم هل هي تشجيعية أم بها شبهة تريقة مع عبارة علي غرار ياله شيد حيلك بقي علشان لما تكبر نجوزك مني ( غالباً بنت خالتك أو عمتك ) .
كانت طلباتي في تلك المرحلة العمرية كثيرة وأحلامي أكثر فكنت أحلم باليوم الذي سأمتلك فيه دراجتي الخاصه ، وأصنع الطائرات الورقية وأفعل الكثير لكي أراها تحلق في السماء وأنتظر المصيف الذي تتجمع فيه العائلة وأتمني أن أكبر سريعاً لكي لا يستطيع أحد أن يمنعني من لعب الكرة مع أصدقائي في الشارع ، وكان أكبر طموح لي هو الفوز في معركة مع أحد التلاميذ لكي يجلس أحدنا بجوار زميلة أخري كنت أحبها فعلاً دون أي أسباب أو أغراض .ولكن مع مرور السنوات وإختلاف المراحل ومعرفة أن مش كل حاجة الواحد نفسه فيها بتتحقق ، بدأت المعركة الأزلية بين جيوش الهموم القاسية وتجمعات الأحلام والأمنيات وقل البراح المسموح لنا فيه بالطيران وعرفت لماذا توقفت معظم تلك الحاجات عن مروادة خيالي إلي أن جائت تلك اللحظة التي إنتصرت فيها جحافل الهموم علي تجمعات الأحلام وسيطرت علي المساحة الأكبر من الخيال وأصبح الجزء المتبقي - من الحاجات القليلة الي نفسي فيها - يؤدي دوراً واحداً ألا وهو تسريب دفعات من الطاقة النفسية الإيجابية تدفع عجلة الحياة للأمام وكأن الواحد منا يعيش عدة سنوات ماضية لتكون هي وقوده في بعض السنوات القادمة وفعلاً بقيت دلوقتي زي ما وجيه عزيز قال .. مش قادر أعرف .. هو أنا الي خلاص بقيت كبير .. ولا الحاجات دلوقتي اصغر ؟؟



ضربة شمس ( جريدة الدستور 26/11/2008 )