الليلة الكبيرة ياعمي والعالم كتيرة .... كلما سمعت تلك الكلمات التي أبدع فيها الأسطورة صلاح جاهين ولحنها الرائع سيد مكاوي ، يرجع شريط حياتي بسرعة كبيرة لفترة زمنية بعيدة وأراها أمامي وكأني أتابع فيلم تسجيلي قديم حيث أراني طفل صغير يقف علي كرسي عتيق - موجود في بيتنا قبل وجودي - مكون من الخشب الأملس الجميل وله أرجل طويلة نسبياً تجعله يرتقي بحالة ليتحول إلي مسرح صغير ومبطن بالجلد البني الفاتح ومحلي بالمسامير المنقوشة ذات الرؤوس الكبيرة وأستمع إلي تلك الملحمة في مشغل الأسطوانات الذي رغم عمره الكبير يعمل وبحالة جيدة علي إخراج الصوت بطابع مختلف .
أسمعها فقط ولا أشاهدها وأطلق العنان لخيالي وأتخيل بعض أبطال الاوبريت الريس حنتيرة ، وشجيع السيما ، والراقصة ، حتي رواد المقهي كنت أرسم لهم ملامح لشخصياتهم طبقاً لأصواتهم، بمجرد إنطلاق الأصوات من الجهاز أبدأ في أداء بعض الحركات الأستعراضية من تنطيط علي الكرسي ومحاولة الغناء وتقليد الشخصيات ، عالم كامل شعرت بكل شخصياته وتعايشت معها وعاصرت تناقضتها وإيجابيتها وسلبيتها والغريب أن كل هذا لا يحدث إلا في تلك الغرفة المحاطة جدرانها الأربعة بالكتب التي لا يوجد بها أي فتحات سوي مدخلها وباب البلكونة التي نادراً ماكان يقوم أحد بفتحها وفوق هذا الكرسي تحديداً الذي عاصر معي فترات وأغاني قد تكون رائعة لدرجة غير قابلة للتعويض أتذكر منها جدف يامراكبي للجميل محمد حمام .
شعرت في وقت من الأوقات أن هناك علاقة شخصية نشأت بيني وبين أبطال تلك الملحمة ، قد أتكلم مع أحدهم وألعب مع أطفالها وأتخيل شجيع السيما " أبو شنب بريما " وهو يحاول القيام بكهربة السبع فينكشف أمره مع أول صياح للأسد ، أستمتع بشقاوة الأراجوز وهو يقوم بتضليل السائل ، كل هذا كان يمر علي في لحظات إستماعي لهذه الملحمة قبل أن أشاهدها وبعدما شاهدتها كعرض للعرائس زاد إنبهاري بها كطفل صغير ، وتحولت شخصياتها بأسمائها إلي مادة خصبة في خيالي للكلام والغناء وحاولت مرات عديدة أن أرسم بعض من أبطالها ، وبمرور الوقت ظلت تلك الشخصيات تختفي من حياتي واحدة وراء الأخري ولم يتبقي منهم سوي خيالات مشوشة وكلمات جاهين التي أحاول الحفاظ عليها وعلي ماتبقي من تلك الفترة .أما الأن وبعد أن تركت بيتي القديم وتركت معه كماً هائلاً من المواقف والذكريات الجميلة وبعدما توقفت الحياة عن إعطائي مثل تلك الأشياء - أو هكذا أعتقد - أذهب بين الحين والأخر إلي بيتي القديم وأدخل إلي تلك الغرفة فأجد مسرحي الصغير يأخذ من أحد الأركان مستقراً له وعندما أنظر إلي أرضيته أجد بها قطعاً صغيراً نتيجة إختراق قدم طفل صغير لها أثناء تأديته لأخر إستعراض من إستعراضاته اليومية ... زحمة ياولداه كام .. عيل تاه .
أسمعها فقط ولا أشاهدها وأطلق العنان لخيالي وأتخيل بعض أبطال الاوبريت الريس حنتيرة ، وشجيع السيما ، والراقصة ، حتي رواد المقهي كنت أرسم لهم ملامح لشخصياتهم طبقاً لأصواتهم، بمجرد إنطلاق الأصوات من الجهاز أبدأ في أداء بعض الحركات الأستعراضية من تنطيط علي الكرسي ومحاولة الغناء وتقليد الشخصيات ، عالم كامل شعرت بكل شخصياته وتعايشت معها وعاصرت تناقضتها وإيجابيتها وسلبيتها والغريب أن كل هذا لا يحدث إلا في تلك الغرفة المحاطة جدرانها الأربعة بالكتب التي لا يوجد بها أي فتحات سوي مدخلها وباب البلكونة التي نادراً ماكان يقوم أحد بفتحها وفوق هذا الكرسي تحديداً الذي عاصر معي فترات وأغاني قد تكون رائعة لدرجة غير قابلة للتعويض أتذكر منها جدف يامراكبي للجميل محمد حمام .
شعرت في وقت من الأوقات أن هناك علاقة شخصية نشأت بيني وبين أبطال تلك الملحمة ، قد أتكلم مع أحدهم وألعب مع أطفالها وأتخيل شجيع السيما " أبو شنب بريما " وهو يحاول القيام بكهربة السبع فينكشف أمره مع أول صياح للأسد ، أستمتع بشقاوة الأراجوز وهو يقوم بتضليل السائل ، كل هذا كان يمر علي في لحظات إستماعي لهذه الملحمة قبل أن أشاهدها وبعدما شاهدتها كعرض للعرائس زاد إنبهاري بها كطفل صغير ، وتحولت شخصياتها بأسمائها إلي مادة خصبة في خيالي للكلام والغناء وحاولت مرات عديدة أن أرسم بعض من أبطالها ، وبمرور الوقت ظلت تلك الشخصيات تختفي من حياتي واحدة وراء الأخري ولم يتبقي منهم سوي خيالات مشوشة وكلمات جاهين التي أحاول الحفاظ عليها وعلي ماتبقي من تلك الفترة .أما الأن وبعد أن تركت بيتي القديم وتركت معه كماً هائلاً من المواقف والذكريات الجميلة وبعدما توقفت الحياة عن إعطائي مثل تلك الأشياء - أو هكذا أعتقد - أذهب بين الحين والأخر إلي بيتي القديم وأدخل إلي تلك الغرفة فأجد مسرحي الصغير يأخذ من أحد الأركان مستقراً له وعندما أنظر إلي أرضيته أجد بها قطعاً صغيراً نتيجة إختراق قدم طفل صغير لها أثناء تأديته لأخر إستعراض من إستعراضاته اليومية ... زحمة ياولداه كام .. عيل تاه .
ضربة شمس ( جريدة الدستور 29/10/2008 )