
أكثر من عشر مرات كل عام هو العدد الذي كنت أنوي فية الشروع في قراءة رائعة - الكبير دائما - ماركيز " مائة عام من العزلة " ’ أخرج الرواية بنسختها القديمة أفتحها وبمجرد قراية صفحة أو أثنين تحدث أشياء من شأنها حرماني من القراءة لأفقد حماسي لإنهائها وخصوصا أنها رواية متعبة ذهنيا .
أما هذه المرة فقد علمت أنني سوف أقضي عليها أو تقضي علي ليس لأنني عزمت ذلك ولكني أعتقد أنها قررت هي الأخري عدم تكرار ما كان يحدث وأن هذا الصراع هو نوع من العقاب من جانبها لأنني أجلتها كل هذا الوقت .
كنت أحاول أن تكون معي أطول وقت ممكن لكي تظل أحداثها في رأسي فأصل لقمة النشوة كنتيجة طبيعية مع إنتهاء كل فصل منها ’ تخطفني بعض اللمحات ’ أري أشخاص تولد وتمر بمراحل عمرها كاملة أمام عيني تأكل وتنام وتصحو وتعمل وتضاجع يمارسون حياتهم اليومية التي أصبحت أراها جيداً .
قصة حضارة شعب كامل أو هكذا رأيتها ’ من قرية صغيرة تدعي " ماكوندو " أنشئها كبير العائلة خوزيه أركاديو بوينديا وزوجته التي تجمع حكمة الدهر كله أورسولا ’ لا يوجد بها غير أهلها ليس بها مقبرة ’ يخرج منها ثوار وغجر وتتطور الحياه فيها فتبني كنيسة ويأتي عمدة وعسكر ثم تبدأ المشاريع بمختلف أنواعها الفردية والجماعية في الظهور ويعرف البريد طريقها ويدخلها القطار ويحل عليها ضيوفاً فيهم من يستمر بها ومن يرحل ’ تصل إلي ذروة النجاح وقمة مجدها ولكن تفقد المتعة التي ولدت عليها’ ثم تبدأ شعلتها في الأختفاء تدريجيا ينساها الزمن نفسه ’ لتتحول من بيوت مزينه لونها أبيض مليئة بالعصافير والطيور التي قال عنها الغجر أنها السبب الذي جعلهم يعلمون بوجودها لأنهم كانو يسمعون غنائها إلي خراب كاملة وبيوت هجرها أصحابها ومنها ما تهدم تماما ’ حتي يجيء وقت يكون أهل ماكوندو فقدو علاقتهم بالزمن الفائت تماما ويصبح الثوار بقيادة العقيد أوريليانو بوينديا أسطورة غير مؤكدة مجرد أشباح باقية في خيال البعض بعدما خاض هو وأصدقائه أكثر من ثلاثين حرباً خارج البلاد ’ تجد فرد أو أثنين علي الأكثر يعلمون تاريخها ولكن الجزء الأعظم منه قد محي تماما ’ إلي أن يأتي الأعصار ليأخد أوريليانو الأخير طبقا للنبوئه المدونة في رقائق الغجري ملكيادس وتنتهي ماكوندو .
تنتهي علي الورق ولكن لا تختفي من داخلي ’ سيطرت علي أفكار عديدة ’ أهل القرية تحولو إلي زوار دائمين في أحلامي ’ لا أعرف من المنتصر في معركتي مع الرواية هل أنا لأني أنهيتها أم هي لأنها - ولا أخجل من هذا - تمكنت مني وهل صحيح أن أسميها معركة من الأساس أم لا ’ تركت هذه الروايه جرحاً غائراً في ولكني متأكد أن هذا مكسب شخصي كبير لذلك دعني ألقي عليك تحية المساء ... أيها العم ماركيز ......... شكراً